بقلم المهندس/ طارق بدراوى
المسجد العمري بإدفو يعد أحد أشهر الآثار الإسلامية التي أنشئت في القرن الثامن الهجري في خلال العصر المملوكي الشركسي بمصر وتحديدا في عهد السلطان الظاهر برقوق حيث يعد هذا المسجد واحدا من العلامات البارزة في التراث الديني لمدينة إدفو منذ إنشائه في عام 797 هجرية وقد تم ضمه للمجلس الأعلي للآثار عام 1999م وهو يقع في المنطقة الغربية بوسط المدينة بالقرب من منطقة المعابد وهذا المسجد تم بناؤه من الطوب اللبن والطوب الأحمر وعرض الحوائط به أكثر من متر وتخطيطه المعماري يتضمن صحنا كبيرا تحيط به أروقة علي شكل مستطيلات ولكن بسبب تدخل الإهمال في عمليات الترميم والبناء أصبح الشكل الآن مستطيلا مختلف الأضلاع فالجدار القبلي طوله 28 مترا والجدار المقابل له طوله 23.5 مترا والواجهة الغربية طولها 21 مترا والواجهة الشرقية طولها 16 مترا ونجده مقسما إلي عدد 5 أروقة بواسطة أربعة صفوف من الأعمدة المختلفة الأشكال والأحجام وعددهم 7 أعمدة بعضها فرعوني علي شكل زهرة اللوتس والزهرة المركبة وزعف النخيل ومن الجرانيت وعليها نقوش فرعونية ومن المحتمل أنها أخذت من معبد إدفو أو من أي معابد أخري أما باقي الأعمدة فتأخذ الشكل الإسلامي وهي أسطوانية الشكل وكبيرة الحجم ومن الطوب الأحمر وللمسجد مدخلان علي الشكل الدائري القديم المدخل الأول في الشرق وهو المدخل الرئيسي للمسجد والثاني غربي وبه ست نوافذ تطل علي ساحة خارجية تحيطها منطقة سكنية عشوائية وبعض المحلات التجارية أما سقف المسجد فهو خشبي محمل علي براطيم خشبية أى عروق خشبية وساريات من جذوع النخيل ومغطي بجريد النخل ويتوسط السقف شخشيخة خشبية للإضاءة وإرتفاع المسجد يصل إلي حوالي 5 أمتار.
ويعتبر المسجد العمرى بإدفو من المساجد المعلقة حيث تم بناؤه علي تل مرتفع من الأرض بحوالي أربعة أمتار ويتم الوصول إليه عن طريق سلالم أمام المدخل الشمالي الشرقي الذي يتوج بعقد مدائئي بسيط مكتوب عليه إسم المسجد وتاريخ بنائه وبعض الآيات القرآنية ومئذنة المسجد فريدة من نوعها وفي شكلها وتقع في الركن الجنوبي الغربي وهي تعد لوحة جمالية بديعة وهي تشبه المآذن الفاطمية وهي مقامة علي ساحة مربعة بطول 4.5 متر يعلوها شكل مخروطي مضاء بنوافذ علي أشكال مزخرفة وفي نهاية المئذنة يوجد كابولي يحمل خوذة دائرية مثبت عليها الهلال أما الأرضية فهي من البلاط الحجري القديم وبعض الأجزاء مكسوة بالحصباء ويوجد به مطهرة صغيرة و يعد هذا المسجد من المساجد الهامة ويعتبر المسجد الأثري الإسلامي الوحيد في محافظة أسوان والمسجل لدي هيئة الآثار وقد تم العثور علي ثلاث لوحات أثرية بالمسجد لعصور مختلفة الأولي داخل صحن المسجد وتوجد في حائط القبلة ومؤرخة بتاريخ 797 هجرية والثانية خارج صحن المسجد وتوجد أعلي المدخل الغربي ومؤرخة بتاريخ 1300 هجرية والثالثة خارج صحن المسجد ومؤرخة بتاريخ 1309 هجرية واللوحة الأولي والمكتشفة عام 1978م في غاية الأهمية وهي عبارة عن مرسوم ملكي يرجع إلي العصر المملوكي الشركسي وتأخذ الشكل المستطيل بأطوال 64 سنتيمتر في 42 سنتيمتر وعليها كتابات عربية بارزة تتكون من ثمانية أسطر بالخط العربي الثلث النسخي وهو الخط المنتشر في العصر المملوكي الشركسي السطر الأول به البسملة والسطر الثاني يوجد به التاريخ وهو 7 من ذي القعدة لسنة 797 هجرية والسطر الثالث يوجد عليه الألقاب السلطانية في ذلك العصر البرقوقي ويوجد إسم السلطان الظاهر برقوق في السطر السادس أما السطر السابع فيوجد به إسم الإدفوي الذي سميت عليه إسم مدينة إدفو أما السطر الثامن فعليه دعاء .
وقد قامت هيئة الآثار بإدراج هذا المسجد في مشاريع الأبحاث والدراسات عام 2003م وقام بتنفيذ المشروع مركز الآثار والبيئة بكلية الهندسة بجامعة القاهرة وإستغرقت هذه الدراسة أكثر من سنتين وتم طرح المشروع لترميمه وإرجاعه للأصل وتشرف علي التنفيذ إدارات متخصصة في الكشف عن الآثار لأنه من المحتمل العثور علي لوحات أثرية أخري بجانب أن المسجد يقع علي منطقة أثرية من المحتمل أن يكون معبدا فرعونيا وهذا يتطلب إجراءات خاصة لابد من أخذها في الإعتبار عند إجراء عمليات الترميم والتي تتضمن ترميم التشققات والشروخ الموجودة بجدران المسجد وعمل سقف جديد لحمايته من الأتربة والأمطار وترميم وتجريد المئذنة والميضاة وتجديد الأرضية وتنفيذ الأعمال الكهربائية اللازمة للإضاءة إستعدادا لإستقبال الزوار من السائحين العرب والمسلمين من مختلف الجنسيات .